القائمة الرئيسية

الصفحات

يوسف عليه السلام

يوسف عليه السلام

القصة:
كان ليعقوب  من البنين اثنا عشر ولداً ذكراً  وإليهم تنسب أسباط بني إسرائيل كلهم وكان أشرفهم وأجلهم وأعظمهم يوسف عليه السلام وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أنه لم يكن فيهم نبي غيره وباقي إخوته لم يَوْحَ إليهم ومما يؤيد أن يوسف عليه السلام هو المختص من بين إخوته بالرسالة والنبوة أنه ما نص على واحد منهم سواه

وقد قال المفسرون وغيرهم: رأى يوسف عليه السلام وهو صغير قبل أن يحتلم كأن أحد عشر كوكباً وهم إشارة إلى بقية إخوته والشمس والقمر وهما عبارة عن أبويه قد سجدوا له فلما استيقظ قصها على أبيه فعرف أبوه أنه سينال منزلة عالية ورفعة عظيمة في الدنيا والآخرة بحيث يخضع له أبواه وأخوته فيها فأمره بكتمانها وألا يقصها على أخوته كي لا يحسدوه ويكيدوه بأنواع الحيل والمكر
وقال له : "وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ" أي وكما أراك هذه الرؤية العظيمة فإذا كتمتها "يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ" أي يخصك بأنواع اللطف والرحمة "وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ" أي يُفهمك من معاني الكلام ما لا يفهمه غيرك
"وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ" أي بالوحي إليك "وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ" أي بسببك ويحصل لهم بك خير الدنيا والآخرة "كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ" أي ينعم عليك ويحسن إليك بالنبوة كما أعطاها أباك يعقوب وجدك إسحاق ووالد جدك إبراهيم الخليل "إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"
 ثم ذكر الله تعالي حسد إخوة يوسف له على محبة أبيه له ولأخيه شقيقه لأمه بنيامين  أكثر منهم وهم عصبة أي جماعة يقولون: فكنا نحن أحق بالمحبة من هذين "إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ" أي بتقديمه حبهما علينا
ثم استشاروا فيما بينهم في قتل يوسف أو إبعاده إلى أرض لا يرجع منها ليخلو لهم وجه أبيهم أي لتكون محبته لهم ثم يتوبوا بعد ذلك
 فأخبروا أبيه أنه يذهب معهم ليلعب ويتمتع لكنه قلق عليه وقال لهم أنه لا يستطيع إبعاده عن نظره ولكنهم استمروا في إقناعه حتى بعثه معهم فما كان إلا أن غابوا عن عينيه فجعلوا يشتمونه ويهينونه بالفعال والمقال وأجمعوا على إلقائه في غيابت الجب أي في قعره وهي الصخرة التي تكون في وسطه يقف عليها الذي ينزل ليملي الدّلاء إذا قلَّ الماء فلمّا ألقوه فيه أوحى الله إليه أنه لا بدّ لك من فرجٍ ومخرج من هذه الشدة التي أنت فيها ولتخبرن أخوتك بصنيعهم هذا في حالٍ أنت فيها عزيز وهم محتاجون إليك خائفون منك "وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ"
فلما وضعوه فيه ورجعوا عنه أخذوا قميصه فلطّخوه بشيءْ من دمٍ ورجعوا إلى أبيهم عشاء وهم يبكون أي على أخيهم
"قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا" أي ثيابنا "فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ" أي في غيبتنا عنه وقولهم: "وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ " أي وما أنت بمصدق لنا في الذي أخبرناك من أكل الذئب له ولو كنّا غير متهمين فكيف وأنت تتهمنا في هذا؟ فإنك خشيت أن يأكله الذئب وضمّنا لك أن لا يأكله لكثرتنا حوله فصرنا غير مصدقين عندك فمعذور أنت في عدم تصديقك لنا "وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ " أي مكذوب مفتعل لأنهم عمدوا إلى جَدْي ذبحوه فأخذوا من دمه فوضعوه على قميصه ليوهموه أنه أكله الذئب ولكنهم نسوا أن يخرّقوه وآفة الكذب النسيان ولما ظهرت عليهم علامات الريبة لم يَمر صنيعهم على أبيهم فإنه كان يفهم عداوتهم له وحسدهم إياه على محبته له من بينهم أكثر منهم لما كان يتوسّم فيه من الجلالة والمهابة التي كانت عليه في صغره لما يريد الله أن يخصه به من نبوته ولما راودوه عن أخذه فبمجرد ما أخذوه أعدموه وغيبوه عن عينيه وجاؤوا وهم يتباكون  ولهذا "قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ".

ويخبرنا تعالى عن قصة يوسف حين وضع في الجب أنه جلس ينتظر فرج الله ولطفه به فجاءت سيّارة أي مسافرون فأرسلوا بعضهم ليستقوا من ذلك البئر فلما أدلى أحدُهم دلوه تعلَّق فيه يوسف
فلما رآه ذلك الرجل: "قَالَ يَا بُشْرَى" أي يا بشارتي "هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً" أي اوهموا انه معهم غلام من جملة متجرهم "وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ" أي هو عالم بما فعله  إخوته وبما يُسِرُّهُ واخذوه علي أنه بضاعةٌ لهم وكان هذا القدر رحمة بأهل مصر بما يجري الله على يدي هذا الغلام الذي يدخلها في صورة أسير رقيق ثم بعد هذا يملّكُ الأمورِ وينفعهم الله به في دنياهم وأخراهم

ولما استشعر أخوة يوسف بأخذ السيارة له لحقوهم وقالوا: هذا غلامنا ، فاشتروه منهم بثمن بخس "دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنْ الزَّاهِدِينَ"

وكان الذي اشتراه من أهل مصر عزيزها وهو الوزير بها الذي تكون الخزائن مسلمة إليه كذلك مكن الله تعالي له في الأرض

 ومرت السنون والأحداث وكبر يوسف عليه السلام وأصبح شابًا قويًّا رائع الحسن

وفي يوم من الأيام نام الملك فرأى في منامه سبع بقرات سمان يأكلهن سبع نحيفات وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات فقام من نومه خائفا مفزوعًا مما رآه فجمع رجاله وعلماء دولته وقص عليهم ما رآه وطلب منهم تفسيره لكنهم أعجزهم ذلك
ولكن استطاع يوسف تفسيرها ففسر يوسف البقرات السمان والسنبلات الخضر بسبع سنين يكثر فيها الخير وينجو الناس فيه من الهلاك وبعدهم ستأتي سبع سنين أخري يكون فيها القحط والجدب
 ولم يكتف يوسف بتفسير الحلم وإنما قدم لهم الحل السليم وما يجب عليهم فعله تجاه هذه الأزمة وهو أن يدخروا في سنوات الخير ما ينفعهم في سنوات القحط والحاجة من الحبوب بشرط أن يتركوها في سنابلها حتى يأتي الله بالفرج
 وأراد الملك أن يكافأه علي تفسيره وقربه منه ثم خيره أن يأخذ من المناصب ما شاء فقال يوسف "اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليهم " فوافق الملك على أن يتقلد يوسف هذا المنصب لأمانته وعلمه
 وتحققت رؤيا الملك وبدأت سنوات المجاعة وجاء الناس من كل مكان في مصر والبلاد المجاورة ليأخذوا حاجتهم من خزائن الملك
 وفي يوم من الأيام، وأثناء توزيع الحبوب على الناس إذا بيوسف أمام رجال يعرفهم بلغتهم وأشكالهم وأسمائهم وكانت مفاجأة لم يتوقعوها إنهم إخوته
وهكذا مكن الله تعالي له في الأرض كما وعده

 

بقلم/ جهاد مصطفي
هل اعجبك الموضوع :
محلل كروي صاعد يسعي لتقديم مفهوم كروي جديد

تعليقات